سلسلة: فيروس كورونا المستجد سيغير وجه العالم كليّا - نظم الانتخابات (5|7)
قد يمكن لأزمة كبيرة بهذا الحجم أن تعيد ترتيب المجتمعات وتغير شكلها دراماتيكياً، قد يكون هذا التغيير للأفضل أو حتى للأسوأ.
التغير في نظم الانتخابات
١. التصويت الإلكتروني سيصبح نظاماً سائداً!
جو بروتون، وهو رئيس منظمة الديمقراطية مباشر، وهي شركة ناشئة توفر بطاقات اقتراع إلكترونية، يعبر عن رأيه فيما يتعلق بنظام الانتخابات ما بعد أزمة فيروس كورونا:
"إن نظام الاقتراع التقليدي الذي يقصر التصويت في أماكن الاقتراع سيصبح أحد ضحايا فيروس كورونا، نظراً لإلزامية تجمع الناس على مقربة من بعضهم أثناء الاقتراع لفترة من الزمن، وهو أمر مرفوض طبياً وقانونياً في ظل انتشار الوباء. وبما أننا بدأنا تدريجياً بالتخلي عن هذا النموذج منذ عام ٢٠١٠ عندما أصدر الكونغرس قانونًا يقتضي الاقتراع الإلكتروني للناخبين العسكريين والأجانب، ومطالبة بعض الولايات الناخبين المكفوفين والمعاقين بالتصويت من المنزل. وبما أن هذه الطريقة قد أثبتت نجاحها فقد أصبح منطقياً تبنيها على المدى الطويل في ظل هذه الجائحة لضمان السلامة العامة، مما يجعل اعتماد تقنية أكثر تقدمًا تضمن التصويت الآمن والشفاف والفعّال من حيث التكلفة من خلال أجهزتنا المحمولة هو الأكثر احتمالًا.
أما على المدى القريب، فقد ظهر نموذج هجين وهو التصويت عبر الهاتف المحمول مع بطاقات اقتراع ورقية لتسهيل عملية الفرز في الدورة الانتخابية لعام ٢٠٢٠ في بعض الولايات القضائية. لذا من المتوقع أن يصبح هذا الخيار أكثر انتشارًا. خاصة في ظل وجود تقنيات مثبتة بالفعل تقدم تصويتًا متنقلًا ومنزليًا وتضمن إنتاج بطاقات الاقتراع الورقية. فلم يعد هذا النظام مجرد فكرة قابلة للتطبيق بل أصبح واقعاَ بعد أن تم استخدامه في أكثر من ١٠٠٠ حالة انتخابية منذ ما يقرب العقد من الزمن من قبل الناخبين العسكريين في الخارج. والمعاقين، الأمر الذي يستوجب اعتبار هذا النظام هو الوضع الطبيعي الجديد في الانتخابات".
٢. سيتحول يوم الانتخابات إلى شهر الانتخابات
يقول لي دروتمان، وهو أحد كبار الباحثين في مؤسسة أمريكا الجديدة ومؤلف كتاب: "كسر حلقة الثنائية الحزبية المدمرة: مسألة الديمقراطية متعددة الأحزاب في أمريكا" :
"يمكننا إجراء الانتخابات في ظل انتشار فيروس كورونا بفعالية، من خلال تسهيل عملية التصويت في الأوقات والأماكن التي يريدها المواطنون، وذلك لضمان تحقيق شروط السلامة العامة بحيث لا يصبح يوم الانتخابات خطرًا على الصحة نتيجة لتجمع الحشود الكبيرة من أجل التصويت لمدة يوم واحد. حيث يمكن تغيير هذا النظام الذي يفرض حالة من الازدحام من خلال تبني نظام التصويت المبكر والموسع والاقتراع عبر البريد، مما سيحول مدة الانتخابات من يوم واحد إلى عملية يمكن تنفيذها على مدار شهر أو ربما شهور، اعتمادًا على قرب الانتخابات والتساهل فيما يتعلق بأصوات الاقتراع المتأخرة التي يتم تقديمها في يوم الانتخابات. هذا التحول سيتطلب تفكيرًا وتخطيطًا كبيرًا لضمان معاملة جميع الأقليات على قدم المساواة ومنع الاحتيال.
وفي ظل حتمية ازدحام أماكن الاقتراع التي يعمل بها عمال الاستطلاعات المعرضون للخطر (كونهم يميلون إلى أن يكونوا كباراً في السن)، ستتعرض الولايات المشاركة في الانتخابات لضغوط هائلة لوضع الخطط حتى يمكن إجراء الانتخابات وفقاً للمخطط. مما يعني حدوث تغيير حتمي ودائم بمجرد تجربة المواطنين لنظام التصويت المبكر و / أو التصويت عبر البريد بسهولة، فلن يعود هناك رغبة أو حاجة لديهم للعودة إلى النظام القديم والتخلي عن نظام الانتخاب الموسع في حال عودة الأمور إلى طبيعتها. كما أن تسهيل عملية الاقتراع على الناخبين سوف تسهم في زيادة إقبالهم على عملية الانتخاب، مما قد يؤدي إلى تغيير المنافسة الحزبية في أمريكا".
٣. سيصبح التصويت عبر البريد هو النهج السائد
يكتب لنا هذه الفقرة السيد كيفن ر. كوسار، وهو نائب رئيس الشراكات البحثية في معهد آر ستريت:
"حتى الآن، قامت خمس ولايات أمريكية وهي جورجيا وكنتاكي ولويزيانا وماريلاند وأوهايو، بتأجيل الانتخابات التمهيدية الرئاسية وقد تتبعها المزيد من الولايات، إلا أنه لا يمكن تأجيل هذه الانتخابات إلى أجل غير مسمى حيث تحتاج الأحزاب إلى عقد مؤتمراتها واختيار مرشحها الرئاسي قبل الانتخابات العامة المزمع عقدها في الخريف. ولكن مع احتمالية استمرار خطر انتشار فيروس كورونا حسب الكثير من التقارير العالمية حتى نهاية شهر يونيو أو حتى نهاية الصيف، فإن هذا سيعني فشل الكثير من الحملات الانتخابية التي لم يعد الزمن في صالحها.
لحسن الحظ، تم اختبار بعض الوسائل التي من المفترض أن تسعف هذه المرحلة الانتخابية زمانياً لتجنب الوقوع في معضلة الاختيار بين حماية الصحة العامة والسماح للناخبين بممارسة حقهم في التصويت: وهي طريقة التصويت عبر البريد، حيث أثبت نجاح الطريقة من خلال تصويت أفراد الجيش في الخارج لعقود. وفي بعض الولايات مثل واشنطن وأوريغون ويوتاه، تم السماح للجميع بالتصويت من المنزل حيث يتم إرسال بطاقات الاقتراع للناخبين وترك حرية الاختيار لهم، إما بإرسال أصواتهم عبر البريد أو التصويت في مكان الاقتراع. أما باقي الولايات فقد جعلت الانتخاب بشكل شخصي في أماكن الاقتراع إلزاميا وأتاحت فقط للناخبين إمكانية تقديم طلب من أجل الانتخاب عبر البريد، رغم أن الناخبين يحصلون على كل المعلومات المتعلقة بالانتخابات مثل بطاقات التسجيل والكتب الإرشادية عن طريق البريد. فلماذا لا يتم تسليمهم بطاقات الاقتراع عبر البريد أيضاً؟
في ظل الوضع الراهن ونظرًا للمخاطر التي يشكلها التصويت الشخصي، فإن الدول أصبحت ملزمة بتحديث أنظمتها الانتخابية بشكل فوري".
ديل هو، وهو مدير مشروع حقوق التصويت في هيئة اتحاد الحريات المدنية الأمريكية، يعطي رأيه في هذا الأمر قائلا:
"يشكل فيروس كورونا تهديدًا غير مسبوق للطريقة التي يصوت بها معظم الناس: وهي التصويت الشخصي في يوم الانتخابات. ولكن هناك العديد من الخطوات الواضحة التي يمكننا اتخاذها لضمان عدم اضطرار أي شخص للاختيار بين صحته وحقه في التصويت.
أولاً، يجب إرسال بطاقة اقتراع مع مغلف مختوم مدفوع مسبقاً وقابل للإغلاق الذاتي إلى كل ناخب مؤهل عبر البريد. كما يجب قبول وحساب جميع بطاقات الاقتراع التي تحمل ختم البريد يوم الانتخابات. ولا يمكن تجاهل بطاقات الاقتراع التي يتم الإدلاء بها عبر البريد بسبب الأخطاء الفنية دون إخطار الناخبين أولاً بالأخطاء ومنحهم فرصة لتصحيحها. وفي الوقت نفسه يمكن أن تحفظ الولايات إمكانية التصويت الشخصي للأشخاص الذين يحتاجون إليه مثل الناخبين ذوي الإعاقات، وذوي الكفاءة المحدودة باللغة الإنجليزية، أو ذوي الوصول البريدي المحدود أو الذين يقومون بالتسجيل بعد إرسال بطاقات الاقتراع بالبريد.
ينبغي زيادة الدعم لمدراء الانتخابات حتى يتمكنوا من تجنيد موظفي استطلاعات أصغر سناً، لضمان صحة الناخبين وسلامتهم الشخصية، وتوسيع القدرة على المعالجة السريعة والدقيقة لما قد يكون عدداً غير مسبوقاً من أصوات الناخبين. كما يجب على الولايات إزالة القيود التي تمنع مدراء الانتخابات من معالجة بطاقات الاقتراع بالبريد حتى يوم الانتخابات (١٥ ولاية تعاني من مثل هذه القيود حاليًا). وينبغي على وسائل الإعلام المساعدة في ضبط توقعات المواطنين في ظل هذه البيئة التي تشهد مستويات قياسية من التصويت عبر البريد، حيث أن عملية فرز النتائج والتنبؤ بالفائزين قد تستغرق وقتًا أطول مما اعتادوا عليه.
أما إذا عجزت الدولة عن تنفيذ كل ما سبق، فعليها على الأقل محاولة اتباع أكبر قدر ممكن من هذه الإجراءات. لإن الأزمة الحالية جعلت هذه التغييرات ضرورية كما أن احتمالية حدوثها أصبحت أكبر".
الجزء الأول: التغيير في المجتمع
الجزء الثاني: التغيير في التقنية
الجزء الثالث: التغيير في الطب والصحة
الجزء الرابع: التغيير في الخدمات الحكومية
المصدر: politico
اترك تعليقاً