سلسلة: فيروس كورونا المستجد سيغير وجه العالم كليّا - الطب والصحة (3|7)

الوضع الليلي الوضع المضيء

قد يمكن لأزمة كبيرة بهذا الحجم أن تعيد ترتيب المجتمعات وتغير شكلها دراماتيكياً، قد يكون هذا التغيير للأفضل أو حتى للأسوأ.

التغيير في مجال الطب والصحة
 ١. قد يصبح التطبيب عن بعد أيضاً

إيزيكيل إيمانويل، عالم الأورام الأمريكي ورئيس قسم أخلاقيات مهنة الطب والسياسات الصحية في جامعة بنسلفانيا يخبرنا عن التغييرات التي ستطرأ على هذا المجال من وجهة نظره:

" قد يغير وباء فيروس كورونا ذلك النمط التقليدي فيما يتعلق بتقديم الرعاية الصحية، حيث كان هذا القطاع بالذات مهمشًا فيما يتعلق بإدخال نظم التطبيب ومتابعة المرضى عن بعد، ولكن وبسبب أن الجائحة تضرب أماكن الرعاية في مقتل، وقد لا يتمكن المرضى من زيارة العيادات وأماكن الرعاية الصحية في الوقت الحالي، فقد أصبحت عمليات مراجعة الطبيب باستخدام مكالمة فيديو يساعد كثيرًا في الحماية من خطر العدوى بالفيروس بسبب التنقل والحركة، وبالتالي تقليلاً لأوقات الانتظار والزوار المرضى الذين يكلفون الكثير من الجهد والوقت داخل العيادات ومراكز الرعاية الصحية".

٢. الاهتمام بالرعاية الأسرية بشكل أكبر

آي جين بو، وهي مديرة الائتلاف الوطني لرعاية عاملات المنازل ورعاية الأجيال، تعبر عن رأيها أيضا قائلة:

"كشف جائحة فيروس كورونا العديد من الثغرات الكبيرة في البنية التحتية للرعاية الصحية في الولايات المتحدة، حيث اضطرت الكثير من العائلات التعامل مع هذه الأزمة بدون أن يتم توفير أية شبكة أمان خاصة بها خاصة في ظل وجود أحد المرضى أو كبار السن داخل العائلة، وفي ظل توقف الأطفال عن الذهاب للمدارس بشكل إجباري ومفاجئ وبقائهم المفاجئ في المنزل، جعل الأهالي مجبرين على اتخاذ خيارات مستحيلة تخيرهم بين عائلاتهم أو صحتهم أو تفادي الانهيار المالي!

في النهاية، فإن المساعدات الحقيقية لتلك العائلات محدودة للغاية والحصول على رعاية صحية طويلة المدى للمرضى قد يكون معدوما، وفي أحسن الأحوال ربما قد تأتي تلك المساعدات على أجزاء وفي أوقات مختلفة، وقلة قليلة من العمّال من يحصلون على إجازات عائلية أو طبية مدفوعة، مما يعني لهم (أن يوما بلا عمل، يعني يوما بلا أجر!).

يجب أن تحث هذه الأزمة الحكومات على دعم الرعاية الأسرية بشكل شامل وواسع، من خلال إنشاء صندوق دعم نساهم جميعنا فيه، من أجل أن يستفيد منه جميع أفراد المجتمع، ليساعدنا على رعاية أسرنا أثناء أدائنا لأعمالنا، ومن أجل رعاية الأطفال والمسنين والمرضى ودعم ذوي الإعاقة، والحصول على الإجازات العادية المرضية المدفوعة الأجر".

لقد ألقى فيروس كورونا المستجد الضوء على تلك الاحتياجات المهملة والرعاية الخاصة لفئة المسنين في الولايات المتحدة، وكشف عشرات الملايين من الأسر المحتاجة ومقدمي الرعاية الصحية التي تعتمد الأسر عليهم، في النهاية يمكننا القول أن الرعاية الصحية للمجتمع بشكل كامل كانت ولاتزال مسؤولية مشتركة، ومع ذلك فإن الحكومات لا تدعمها بالشكل الصحيح، وقد جاءت هذه الأزمة الصعبة لكي تدفعنا إلى تغيير هذا الإهمال".

٣. ستصبح الحكومة شركة أدوية كبرى!

هذا التقرير بقلم ستيف سترلينج، وهي نائبة رئيس الدعوة وتحليل السياسات في معهد روزفلت، ومشاركة في تأليف بحث " في المصلحة العامة: إرساء أسس الديمقراطية للأدوية من خلال الملكية العامة"، تقول:
" كشف فيروس كورونا المستجد عن فشل نظام تطوير وصناعة اللقاحات، حيث يعتبر نظاما مكلفا وغير فعالا. وفي حين أن فيروس كورونا المستجد (كوفيد-١٩) يعتبر واحدا من إحدى أنواع فيروس كورونا التي ظهرت خلال العشرين عامًا الماضية، إلا أن النظام الصحي، والذي يعتمد على الحوافز الحكومية باهظة التكلفة يحتاج إلى ١٩ شهرًا على الأقل قبل توقع توفر اللقاح على نطاق واسع، وبالتالي لن تقوم شركات الأدوية ببساطة بإعطاء اللقاح أية أولوية أو حتى القيام بأي إجراء آخر للمساعدة في مثل هذه الحالة الطارئة قبل ضمان الربح منه. وقد يحتاج هذا الأمر إلى وقت طويل.

أما القيود الهشة بشأن تزويد المكونات الطبية والتي تؤدي للمزيد من انتهاكات براءات الاختراع، ستحد بشكل كبير من توفر العلاج الجديد، وبالتالي سيسبب مزيدا من الغضب في المجتمع، هذا كله يؤدي بنا إلى أهمية تولي القطاع العام المسؤولية بشكل أكبر من أجل التوجه لتطوير وتصنيع الأدوية، ولو تبنت الحكومة هذه المهمة بكفاءة ومرونة كافيتين، فإننا حتماً سنخرج من تجربتنا الفاشلة التي استمرت ٤٠ عاما، وبالتالي تلبية احتياج السوق من الاحتياجات الصحيّة الأساسية".

٤. سيسود العِلم مرة أخرى، وسيستعيد العلماء مقاماتهم!

سونيا تراوس، وهي المديرة التنفيذية لحركة (YIMBY) المؤيدة للتنمية، تقول:
"كما قال الكاتب أوبي وان كينوبي في كتابه "عودة جيداي" فإن مصداقية الحقيقة والعلم قد تراجعتا منذ أجيال عديدة، وبالتالي فإننا نتمسك بالحقائق ذاتها في كل مرة، ولكن ذلك يكون حسب ما نراه اعتمادا على وجهة نظر كل واحد فينا.

في عام ٢٠٠٥، أي قبل وقت طويل من تولي دونالد ترامب للرئاسة، ظهر مصطلح يطلق عليه "الحقائقية" لوصف الخطاب السياسي التي تقل فيه الحقائق بشكل كبير، حيث تعمل صناعة النفط والغاز بشكل دائم على شن هجوم شرس ضد الحقيقة والعلم، صناعة التبغ أيضا تفعل شيئا مشابها لما تقوم به تلك الصناعات، هذه النظرة وهذا الوضع العام جعل أولئك الذين ينتمون للحزب الجمهوري يدعون أن جميع التقارير حول فيروس كورونا لا تمت للعِلم بصلة، وليست إلا مجرد سياسات لها أهدافها، الأمر الأغرب أن هذا الإدعاء بدا معقولا جدا بالنسبة لملايين الناس.

ولكن الأزمة الحالية أعادت المياه إلى مجاريها، وأصبحت المفاهيم العلمية مثل نظرية الجراثيم والنمو الأسي محط اهتمام الناس. وخلافاً لاستخدام المبيدات أو تغير المناخ، فلابد أن تجد الكثير من المشككين في العلم يرون الآن بأم أعينهم وبكل وضوح أن فيروس كورونا المستجد قد أحدث الكثير من التغييرات من حولنا.

أعتقد أنه خلال الـ ٣٥ سنة القادمة على أقل تقدير، فإننا سنلحظ استعادة الاحترام العام للعلم والعلماء حتى ولو كان ذلك بشأن جزئي في مجالات الصحة العامة والأوبئة".

الجزء الأول: التغيير في المجتمع

الجزء الثاني: التغيير في التقنية

المصدر: politico

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *