سلسلة مستقبل التصميم بعد انتشار الأوبئة - التصميم في مجال المعلومات (٦|١٢)

الوضع الليلي الوضع المضيء
التصميم في مجال المعلومات

لن يتذكر التاريخ عام ٢٠٢٠ كأول عام في الألفية الثالثة يحدث فيه وباء فحسب، بل سيتم تذكره كعام ظهور أول جائحة في التاريخ يتم فيها تداول المعلومات بشكل أكبر من انتشار الوباء نفسه، وأكبر حتى من القدرة على فهم طبيعته وكيفية انتشاره. وعلى الرغم من أن هذا الانتشار السريع للمعلومات كان يجب أن يكون شيئًا إيجابيًا في هذه الجائحة إلا أن الواقع أثبت عكس هذا الأمر تمامًا.

فبدءًا من قضية شركة كامبريدج أناليتيكا التي حدثت منذ عدة سنوات وجمعت فيها بين اختلاس الأصول الرقمية، واستخراج البيانات، والسمسرة في البيانات، وتزويرها خلال العمليات الانتخابية عام ٢٠١٣، ووصولًا إلى تزوير الواقع من خلال الأخبار المزيفة التي يتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن انتشار المعلومات أدى إلى إثارة الكثير من الجدل والتناقضات التي ندفع جميعًا تكلفتها.

فقد أدى إضفاء الطابع الديموقراطي على نشر المعلومات ومع كثرة المؤثرين في جميع المجالات والقادرين على إنشاء محتوى مرئي ومسموع في وقت قليل، فإن حرية أي شخص في نشر ما يحلو له تحت مسمى الديموقراطية أدى إلى انعدام الثقة في قنوات المعلومات الرسمية والتي للأسف غالبًا ما تكون غير صادقة فيما يتعلق بالشفافية والسرعة في توضيح المعلومات ونشرها. وهناك الكثير من الأدلة التي تثبت دور الانتشار الكبير للمعلومات في زيادة الأزمة، فمنذ بداية انتشار الوباء في مدينة ووهان الصينية انقسم الرأي العام بين من شعروا بذعر شديد، وبين من استهانوا تمامًا بالأمر على اعتبار أنه لا خطر منه على الإطلاق. وكل فئة كانت لها وجهة نظر وجيهة ومحترمة أدت إلى تبنيها تلك المشاعر وذلك وفقًا للأخبار والقصص التي تعرَّضوا لها وصدقوها.

وفي الواقع فإن سلوك كل حكومة من الحكومات العالمية لخَّص ظاهرة تضارب المعلومات بشكل فجّ، فمن الإنكار التام إلى تقليل الإحصاءات أو حتى التهويل فيها، ولم يكن هناك أحد على الإطلاق مهما كانت درجة تعليمه وثقافته قادرًا على الوصول للحقيقة المطلقة نتيجة التضارب الشديد.

وقد أطلقت كل من شركات فيسبوك وقوقل وآبل أشكالًا هجينة جديدة لإضفاء المزيد من الطابع الديموقراطي على الأخبار ورفع مستوى حرية الفرد في نشر ما يحلو له. ومن ثم نشأت محاولات لتدشين دليل لتقييم المعلومات ومحاولة معرفة زيفها من صدقها ووضع المصادر الرسمية في سياقها الصحيح أثناء قراءة الأخبار الصادرة عن الأفراد أو الكيانات الخاصة منعًا للبلبلة وانتشار المعلومات المغلوطة.

ومن ناحية أخرى فإن كلاًّ من واتس آب وتيليقرام لجأتا إلى إنشاء قنوات مخصصة لطلب التحقق من الأخبار والتي تم استخدامها خلال الانتخابات السياسية في الهند، وبدأتا في استخدام النهج نفسه للتحقق من الأخبار أثناء الوباء.

ولا يزال الطريق طويلًا للغاية، ولكن لا يمكن إنكار وجود حاجة مُلحة إلى تصميم نظام معلومات أفضل تكون لديه القدرة على موازنة ومقارنة وجهات النظر المختلفة وتحليلها وذلك لمواجهة حالات الطوارئ في المستقبل.

المصدر: medium

الجزء الأول: تصميم المنتجات والخدمات المادية

الجزء الثاني: تصميم المنتجات والخدمات الرقمية

الجزء الثالث: تصميم المساحات الداخلية والخارجية

الجزء الرابع: التصميم للبيانات والخصوصية

الجزء الخامس: التصميم من أجل الصالح العام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *