سلسلة مستقبل التصميم بعد انتشار الأوبئة - التصميم من أجل الصالح العام (٥|١٢)

الوضع الليلي الوضع المضيء

أدى ظهور ثقافة الحركة المضادة في الستينات إلى زيادة الشعور بالانتماء إلى المجتمع العام وإلى نظام موحد يرتبط فيه الجميع من رجال ونساء ببعضهم البعض بشكل أكثر قوة . وبعد سنوات قليلة ظهرت الإنترنت التي عملت على توصيل العالم كله ببعضه البعض، مما مهد لظهور مفاهيم مثل الفكر الجمعي collectivism والوعي بالنظام System Consciousness، وهي المصطلحات التي تبنتها الأجيال الجديدة لتقود تحول المجتمعات من التفكير ب "عصر الأنا" إلى "عصر نحن" والذي يدل على أن أي جزء يتضرر في العالم سيؤثر على البقية، مما يتطلب التعاون في مواجهة أي خطر في أي مكان في العالم.

وهذا المصطلح أدى إلى نشأة عالم تكون فيه القيمة الجماعية على قدم المساواة مع القيمة الفردية، ويصبح مراعاة الصالح الاجتماعي أحد المقاييس الجديدة التي يجب مراعاتها جنبًا إلى جنب مع قيم الاستدامة عند نشأة كل شركة.

نرى أن الوباء يُسلط الضوء مجددًا على العلامات التجارية والشركات التي تبنت هذا النهج منذ فترة وتم تحويله إلى ميزة تنافسية قوية وبالتالي أصبح سببًا في نمو سوق هذه الشركات صاحبة فكرة القيم المجتمعية والتي تحرص على تحقيقها. حيث أننا شاهدنا أثناء الوباء الكثير من تجار تجزئة الأقمشة الذين حوَّلوا جزءًا من نشاطهم إلى تصنيع الكمامات الواقية بالإضافة إلى تقديم دروس عبر الإنترنت بشأن كيفية صنعها في المنزل بشكل مستقل، أي أن الأمر لم يكن ربحيًا فقط لاستغلال الأزمة ولكن للمساعدة في حلّها أيضًا.

كما أن شركات مثل أوبر وليفت عملت على توجيه ميزانيات الإعلانات لتوفير رحلات انتقال مجانية للمناطق الأكثر تضررًا، كما حوَّلت شركة وولمارت الكثير من مواقف السيارات الخاصة بها لتكون مكانًا ثابتًا للسيارات التي تقدم اختبارات كوفيد ١٩.

تقدم العلامات التجارية الآن أفكارًا إبداعية تُعلن بها عن نفسها، ولكن في الوقت نفسه تحقق فوائد اجتماعية لا يمكن إغفال أهميتها. وفي مثال آخر فإنه في الحملة الأولى للعلامة التجارية لتطبيق واتس آب لم يتم التركيز على وظيفة التطبيق ولا التقنية الكامنة ورائه ولا حتى استفادة الفرد منه، ولكن تم التركيز على القيمة التي يمنحها للصالح المجتمعي. وتقوم شركة قوقل بتقييم حلول الذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام وللمجتمع بدلاً من التركيز على الكفاءة. فمثلًا تحدد قيمة البحث عن حياة على المريخ بمقدار ما تحققه من رفاهية وصالح اجتماعي عام أكثر من فائدته في زيادة الناتج القومي الإجمالي.

وعلى العكس من هذا فإن هناك عدوًا جديدًا يظهر في الأفق ألا وهو الخوف وانعدام الثقة فيما سيأتي به المستقبل، وهذا يمثل عائقًا حقيقيًا وجديدًا أمام نمو كل نشاط تجاري في مرحلة ما بعد الجائحة.

ولهذا السبب فإذا لم نكن قادرين على تطوير حلول للصالح الاجتماعي العام فإنه لن تكون هناك أي فرصة للتنمية الاقتصادية لأي مشروع تجاري.

المصدر: medium

الجزء الأول: تصميم المنتجات والخدمات المادية

الجزء الثاني: تصميم المنتجات والخدمات الرقمية

الجزء الثالث: تصميم المساحات الداخلية والخارجية

الجزء الرابع: التصميم للبيانات والخصوصية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *