سلسلة مستقبل التصميم بعد انتشار الأوبئة - تصميم المنتجات والخدمات الرقمية (٢|١٢)

الوضع الليلي الوضع المضيء
تصميم المنتجات والخدمات الرقمية

سيواصل قطاع المنتجات والخدمات الرقمية تطوره السريع وتنوعه المستمر لمواكبة الاحتياجات المتزايدة وذلك بفضل زيادة الوعي لدى الجمهور بأهمية هذه المنتجات والخدمات.

وسيصبح التخلص من الدفع نقدًا من أشد الموضوعات سخونة وأهمية بين تجار التجزئة، فلن يقتصر الأمر على توفير حلول دفع الأموال عن طريق الهواتف الذكية أو الأجهزة الرقمية فقط، لكن تجربة التسوق غير النقدي ستطور سيناريوهات دقيقة للغاية تتعلق بإدارة البيانات وتكاملها وإعداد برامج الولاء الرقمية (التي تعزز اتصال العملاء بالشركات) وتطوير خطوط الائتمان الصغيرة المملوكة لتجار التجزئة أنفسهم.

ومن الواضح أن حلول الابتكار الإضافية لن تكون متاحة للجميع وخصوصًا الشركات الصغيرة. ولهذا السبب يتوقع الكثيرون ازدهارًا في الشركات الناشئة القادرة على بناء نظام بيئي متطور يقدم حلولًا مشتركة ويكون الأفراد قادرون على الوصول إليه بسهولة. كما أن القطاع التقني المالي وخصوصًا في أوروبا سيشهد نضجًا سريعًا من خلال تطوير نظام بيئي يعمل كبديل حقيقي وفعّال للقطاع المصرفي التقليدي بحيث تصبح العلامات التجارية التقليدية مسؤولة تمامًا عن هذا النظام البيئي الرقمي الجديد من حيث تطويره وحمايته وزيادة التعامل به.

وفي حين يُراهن الكثيرون على قرب التخلي عن النقود والعملات الورقية لخطورتها في نقل الفيروس، فإن هذا النهج لا توجد أدلة علمية على قُرب تنفيذه بسبب اعتبارات ثقافية واقتصادية عالمية ترفض تمامًا التخلي عن النقد، بالإضافة إلى الفجوة الرقمية الموجودة بين الأجيال والتعامل مع التقنيات.

فعلى سبيل المثال، قامت الهند قبل بضع سنوات إلى استخدام المدفوعات الرقمية بعد نقص النقد المتداول، كما أنه عند انتشار فيروس سارس-كوفيد2، فكّرت الحكومة الأمريكية في تقديم مساعدات اقتصادية للسكان من خلال إصدار عملات رقمية، هذا المشروع لم يُنفّذ حتى الآن على أرض الواقع ولكن يتم النظر فيه بجدية تامّة.

وفي كل الأحوال فإن التخلص من النقد لن يكون بإجراء فوري بل سيتم التخفيف منه بالتدريج، وفي أثناء ذلك سيتم تطوير مهارات مثل التصميم الشمولي بحيث يكون مناسبًا للاستخدام من قبل الأجيال الأكبر سنًا. وستقوم كل إدارة بتحديد المعيقات الشخصية والتقنية التي تمنع انتشار الدفع الإلكتروني أو التخلص من النقد. وهذه المعوِّقات ومدى القدرة على إيجاد حلول لها ستحدد درجة نمو وتطور الشركات التي تربط الأعمال التجارية بالمستهلك أو توقفها تمامًا إذا فشلت في التغلب على العوائق، وهي تعني استراتيجية الأعمال الموجهة للمستهلك.

ولكن مع العزل الصحي بسبب انتشار فيروس كورونا ونتائجه العميقة التي أثَّرت علينا جميعًا ظهر عدو جديد لأي مشروع جديد وهو الخوف، فذلك الوباء لم يأتِ فقط بفكرة أنه يمكن أن يتكرر من جديد، بل سيكون أمرًا واقعًا ومستمرًا وعلينا التعامل معه لفترة طويلة.

نحن الآن أصبحنا خائفين مما نلمسه ومما حولنا، ونخاف من استخدام العملات الرقمية والتي لم نعتد عليها من قبل، ومجبرون على القيام بالمهام الضرورية بطرق مختلفة لمقاومة الوباء والحفاظ على أنفسنا، وهذا الدافع البشري الطبيعي في الحفاظ على الحياة يُثير الكثير من المخاوف تجاه المجهول وتلك الأشياء التي لا نعلم عنها شيئًا.

ونتيجة لهذا فإن هناك أمرين في منتهى الأهمية يتوجب علينا التركيز عليهما عند اتخاذ أي قرار تجاري أو تسويقي وهما:
الاهتمام بمهارات أساسية مثل التصميم المعرفي والتحليل الدلالي، والأمر الثاني هو إزالة الحواجز التقنية في تكامل البيانات للوصول لصورة أفضل للمستهلكين المحتملين والعمل كأدوات أساسية لاكتشاف السوق ومراقبته وإزالة أي مخاوف من التأثيرات المستقبلية.

وعلى هذا الأساس سيكون مفهوم الأوبرة أو توفير الخدمة عند الطلب متاحًا في أسرع وقت للعديد من قطاعات الإنتاج وخصوصًا في المدن الكبرى، وإن كان سيستغرق وقتًا أطول قليلًا بالنسبة للمناطق شبه الحضرية أو النائية. تدريجيًا، سيُصبح توصيل الخدمات أو نقلها سواء كانت أطعمة أو أدوية ضرورة حيوية ستؤثر في طريقة التنقلات الشخصية ونُظم الخدمة المقدمة.

ويمكن لأمازون تطوير نظام التوصيل كوحدة أعمال ثالثة من حيث الإيرادات إلى جانب مجموعة الخدمات المقدمة من أمازون. أما عن الشركات الناشئة في قطاع الخدمات والنقل فستستمر في الازدهار مما سيخلق على المدى القصير سوقاً لا يمكن تصديقه يندرج تحته العديد من شركات الخدمات العملاقة يتم توفيرها للعملاء عن بُعد وبأسعار تنافسية مما يعود عليهم بالفائدة بشكل أكبر.

وأخيرًا فإن خدمات التجارة الإلكترونية لا تزال تقدم اتجاهات جديدة، فبعد مؤسسة بي (B-Corp) التي تمنح شهادة خاصة إلى الشركات الربحية لزيادة الثقة فيها، فإن هناك اتجاهًا جديدًا يظهر في الأفق يُطلق عليه الشفافية التجارية بحيث يتوجه المستهلكون نحو العلامات التجارية التي تهتم أكثر بالاستدامة في منتجاتها مع الاهتمام بالإدماج لتحقيق أكثر من فائدة من المنتج نفسه.

فعلى سبيل المثال عندما أشتري المنتج (أ) فهذا لأن الشركة المنتجة تخصص جزءًا من أربحاها لتطوير ودعم رفاهية فئة معينة وتضمن أمنه الجسدي والعاطفي سواء كانت هذه الفئة من سائقي أوبر أو المجموعات العرقية المختلفة أو تحقيق أي فائدة اجتماعية من تحديد نسبة مئوية من المبيعات، وهذا ما يطلق عليه مصطلح الصالح العام.

والشفافية هنا لا تعني فقط ما يحدث في سلسلة التوريد بدءًا من عملية الإنتاج إلى شراء المنتج، ولكنها أيضًا ما يحققه هذا المنتج من تأثير بيئي واجتماعي طويل الأمد، وكلما كان هذا الأثر أكبر كلما أدى هذا للتميز بين منصات التجارة الإلكترونية المختلفة وتفضيل بعضها عن الآخر.

وهناك عامل ضروري يجب الانتباه له في هذا الخصوص وهو الثقة في منشأ المنتجات، فهذه الثقة ستؤثر بشدة في حركة التجارة العالمية وخصوصًا تجاه الصين. لهذا السبب فإن الوباء سيعمل من جديد كعامل لتسريع اتجاه الشفافية الراديكالية في قطاع التجارة الإلكترونية.

المصدر: medium

الجزء الأول: تصميم المنتجات والخدمات المادية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *