حرية التعبير الحقيقة والمؤدلجة
إنه لمن المشين أن يقوم شخص بالسخرية من آخر والاستهزاء به، والمفترض أن القانون يحمي دون ذلك ويردعه.
ولكن المعيب والقبيح أن يدعم رئيس دولة هذا الأمر ويعيد نشرها على نطاق أوسع. لا علاقة لهذا الأمر بحرية التعبير. والدليل أنه بعد هذا الحدث تم قام بعض الأشخاص برسم الرئيس رسوما كاريكاتورية فغضب وهدد وعاقب.
إن حرية التعبير تكفل للإنسان حرية نقده لأفكار من خلال حديث علمي موثق لا أهواء شخصية، ومن خلال حجج لا رسوم كاريكاتورية تعبر عن عجز عن النقد العلمي للأفكار فتتحول ليس لنقد الأشخاص بحقائق وإن كان ذلك معيبًا أيضًا وانما استخدام رسوم كاريكاتيرية وهو اعلان العجز أمام الحجة و العاجز دون قيم لا يملك إلا السخرية.
لا يضير نبي الله نقد ولا سخرية بل زيادة في اتباعه عليه الصلاة والسلام، ولا يزيد ذلك دين الإسلام إلا انتشارا. إن التطرف في الرأي لا يؤدي إلا إلى فضح التطرف.
أتذكر أن أحد الأخوات في أميركا أسلمت لأن مدرس مادة تاريخ الأديان كان يثني على كل دين إلا دين الإسلام، فقد أسهب في نقده ومع ذلك يقول عنه أنه أوسع الأديان انتشارا، مما دعاها للقراءة عنه واعتناقه.
ديننا محفوظ بحفظ الله له، وسيرة نبي الله لا يضيرها راسم كاريكاتور أو متعصب في كراهية الإسلام. والتعصب لا تغطيه مظلة العلمانية أو الليبرالية.
وقد ألفت كارين ارمسترونج -وهي الباحثة في تاريخ الأديان- كتابين عن الرسول عليه الصلاة والإسلام:
١- محمد سيرة نبي.
٢- محمد نبي لعصرنا.
من أجمل ما كتب في سيرته عليه الصلاة والسلام، تطرقت فيه لمواضيع مهمة مثل: الإسلام والعلمانية، والرد على حجج تنسك المسلمين وبعدهم عن العلوم، والإسلام والمرأة.
إن هذا الهجوم من حيث لا يعلم مرتكبوه إنما يزيد حبنا لرسولنا عليه الصلاة والسلام، ويبرهن أهمية الإسلام وتعاليمه في احترام الإنسان وصيانة حقوقه. وقصة الرجل الذي انتقص من آخر فاحتكما للرسول فرد على المنتقص بأنك امرؤ فيك جاهلية. وهذا وصف دقيق ينطبق حتى على زماننا.
فالجاهلية هي جهل معرفي وجهل بالأخلاق والقيم وتكبر على الآخرين، وجاهلية في التكبر والانتقاص من الآخرين لعرق كما يحدث في كثير من البلاد أو لجنس أو لجنسية وأصل، و نبي الله علمها للإنسانية قبل ١٤٠٠ عام قبل وجود الأمم المتحدة وإصدارها لتشريعات يخالفها أعضاؤها يوما بعد يوم.
ماذا يجب أن نفعل
١- الاستنكار الرسمي: دين الله ونبيه محفوظ ولكن ماذا يجب أن نفعل عندما ينتقد أحد أشخاصنا أو بلادنا فعادة نسارع للاستنكار علنياً وعبر القنوات الرسمية. فعلى مؤسساتنا وحكوماتنا استنكار ذلك الفعل رسمياً. والسعي لدى الأمم المتحدة لتجريم هذه الأفعال التي تزرع الفرقة وتؤجج الخلاف.
وهذا ما صرحت به المملكة من خلال وزارة خارجيتها ووسائل اعلامها ومن خلال حديث خادم الحرمين الشريفين للمستشارة الألمانية حيث ذكر:"حرية التعبير يجب أن تكون قيمة أخلاقية تنشر الاحترام والتعايش بين الشعوب لا أداة لإشاعة الكراهية والصدام الثقافي والحضاري".
٢-الاجراءات القانونية: كما نرفع القضايا طلباً لوقف التعدي وإيقاع العقوبة على المعتدي. فربما يسعى المحامون في رفع هذه القضايا سواء في البلاد التي وقع فيها الفعل أو في البلاد الإسلامية لأنه اعتداء على رمز إسلامي وكذلك في المحافل الدولي.
وفي لقاءه مع السفير الفرنسي في مصر صرح د محمد الطيب شيخ الأزهر : "إذا كنتم تعتبرون أن الإساءة لنبينا محمد حرية تعبير فنحن نرفضها شكلا ومضمونا." وأضاف: "الإساءة لنبينا محمد مرفوضة تماما، وسوف نتتبع من يسيء لنبينا الأكرم في المحاكم الدولية، حتى لو قضينا عمرنا كله نفعل ذلك الأمر فقط".
٣- الجانب الاقتصادي: حيث أن حجم التبادل الاقتصادي بين فرنسا والعالم الاسلامي ضخم جدا يتجاوز ٣٩ مليار سنويا للملكة وحدها. وإن فرض المقاطعة والعقوبات الاقتصادية أحد الأدوات المهمة والمتعارف عليها دوليا. وهو مما يعزز الموقف، وينمي المحتوى المحلي ويقوي اللحمة والشوكة الوطنية.
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اترك تعليقاً