كيف يغيّر العمّال المستقلون عالم العمل

الوضع الليلي الوضع المضيء

يعيد الأمريكيون تحديد الحلم الأمريكي للقرن الحادي والعشرين

ستيفان كاسريل، الرئيس التنفيذي لشركة  Upwork- 05  نوفمبر 2018

تيقّن توماس جفرسون من وجود أمة من الأمريكيين المستقلين المعتمدين على أنفسهم، الذين يعملون لحسابهم الخاص ويحدّدون اتّجاهات مصائرهم في الحياة. ولفترة طويلة، هذا ما فعلوه بالضبط.  

في عام 1860، ووفقا للمؤرخ ستيفن جيلون، كانت تصل نسبة القوى العاملة التي تعمل لحسابها الخاص إلى 80٪. ومنذ ذلك الحين، بدأت الأمور في التغيّر بشكل مثير للغاية. بحلول عام 1900، انخفض عدد العاملين لحسابهم الخاص إلى 50٪؛ وبحلول عام 1977، انخفض إلى 7 ٪.

وبعد مرور 41 عامًا، يعيد الأمريكيون تحديد الحلم الأمريكي للقرن الحادي والعشرين. بالتأكيد، لقد تخلص الأميركيون من المزارع والحقول والمحاريث وانتقلوا لمساحات العمل المشترك بواسطة أجهزة الكمبيوتر المحمولة المتصلّة لاسلكيّا بالـ  Wi-Fi. لكنّهم استمروا بالمثابرة والاعتماد على الذات والحرية لرسم مستقبلهم الخاص.

وفي النظرإلى نتائج دراسة جديدة،Freelancing in America 2018  بتكليف من شركتي Upwork و Freelancers Union ، للسنة الخامسة على التوالي، فإنها تكشف عن تفضيل الأمريكيين المتزايد للعمل أينما أرادوا، متى أرادوا، وأي عمل اختاروا. وببساطة، وعلى الرغم من استمرار الطفرة الاقتصادية لسنوات عديدة فقد وُجدت وظائف أكثر للعمال المتاحين بدوام جزئي أو كامل من 5 إلى 9 ساعات. لذا، فإنّ المزيد والمزيد من الأميركيين يختارون نمط حياة الاستقلال الذي يأتي مع العمل الحر.

إليك أربعة إحصاءات مهمّة حول الطريقة الجديدة التي يعمل بها الملايين من الأشخاص:

 على مدى السنوات الخمس الماضية - وعلى الرغم من تشديد سوق العمل الذي يوفّر للعمّال وظائف بدوام كامل - اختار الأمريكيون بشكل متزايد العمل الحر. بين عامي 2014 و 2018، بدأ 3.7 مليون شخص آخر العمل الحرّ. إنّ هذا الرقم يعادل مجموع سكان كونيتيكت. ووفقا لنتائج FIA، وكلّ ما قيل، يوجد الآن 56.7 مليون أمريكي يعملون لحسابهم الخاص. وفي هذا العام، صرّح 61٪ من المترجمين المستقلين إنهم اختاروا العمل بهذه الطريقة مقابل العمل كموظفين بشكل أكبر، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 8٪ منذ عام 2014.

وعندما يظهر عامل مستقل واحد من كل ثلاثة عمّال أمريكيين، كما تظهر الدراسة، نعتقد أنه من الإنصاف القول بأن طريقة العمل هذه أصبحت الآن التيار الرئيسي لحركة العمل.

في حين وجدت الدراسة أن المترجمين المستقلين وغير العاملين يعملون على إعطاء الأولوية لأسلوب الحياة على الأرباح، فإنّ المترجمين المستقلين هم الذين يحصلون على نمط الحياة الذي يريدونه. أما المترجمون المستقلون الذين يعملون على أساس التفرغ، فهم أكثر عرضة بنسبة 21 نقطة مئوية ليقولوا إن عملهم يسمح لهم بأن يعيشوا نمط الحياة الذي يريدونه (84٪ من المترجمين المستقلين يقولون ذلك مقابل 63٪ من غير المستقلين). في الواقع، إنهم شغوفين جدًا بأسلوب الحياة المستقل. ولهذا صرّح نصف العاملين المستقلين إنهم لن يأخذوا وظيفة من 5 إلى 9 بغض النظر عن البدل المالي الذّي تمّ تقديمه لهم.

وبالنسبة لبعض المستقلين، فإن العمل التقليدي لن يكون خيارًا إذ وجدت نظرة جديدة من دراسة لهذا العام مفادها أن العمل الحرّ يوفّر أيضًا فرصًا لأولئك الذين قد لا يكونوا قادرين على العمل: 42٪ من المترجمين المستقلّين يتّفقون على أن العمل الحر يعطيهم المرونة التي يحتاجونها لأنهم غير قادرين على العمل لدى رب عمل تقليدي بسبب الظروف الشخصية التي تشمل الوعكات الصحية أو رعاية الأطفال.

وجزء من السبب في انتشار العمل الحرّ هو أنه يحدث عادة عن بعد. فتزايد شعبية أدوات البرامج التعاونية، مثل Slack و Dropbox و Google Docs ، قد أدّى إلى جعل العمل عن بُعد أسهل كثيرًا من ذي قبل.

وأصبح الآن من السهل العثور على العملاء. ووجدت الدراسة أيضا أن 3 من كل 4 مستقلين قالوا إن التكنولوجيا جعلت من السهل العثور على عمل حرّ. ووجد 64 في المائة من العاملين المستقلين عملهم على الإنترنت، بزيادة 21 نقطة منذ عام 2014. وارتفعت النسبة المئوية للذين يعملون لحسابهم الخاصّ عبر الإنترنت بنسبة 67٪ من المترجمين المستقلين هذا العام.

ولأن منصّات المواهب عبر الإنترنت تقلل من تكاليف العثور على المهارات، فإنها لا تمنح العاملين لحسابهم الخاص المزيد من العمل فحسب بل أيضًا تنمّي اقتصادها. فخلاصة تقرير من معهد ماكينزي العالمي يشير بأن بحلول عام 2025 يمكن لهذه الأسواق عبر الإنترنت "أن تضيف 2.7 تريليون دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأن تبدأ في التخفيف من العديد من المشاكل المستمرة في أسواق العمل في العالم".

يعد جيل الألفية الآن أكبر مجموعة ديموغرافية في القوى العاملة الأمريكية، وهم يقرّرون بشكل متزايد أن يعملوا بشكل حرّ: 42٪ من الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا أصبحوا الآن مستقلين، مقابل 38٪ في عام 2014.

لا توجد كرات بلورية، لكن توجد طريقة جيدة لتقييم المستقبل وهي النظر إلى الناس وما يرثونه. يريد جيل الألفية المزيد من الحرية في تقرير متى يعملون وأين. العمل الحر يقدم لهم ذلك على حد سواء.

ومع استمرار نمو عدد الأجيال كعدد من القوى العاملة، من الواضح أن مثالًا آخر لجيفرسون - وهو السعي وراء السعادة - يزداد أهمية أيضًا. كثير من أولئك الذين يختارون العمل بشكل مختلف اليوم يفعلون ذلك للعودة إلى الأساسيّات وأقرب إلى الحياة التي يريدونها. ومن أجل تحقيق ذلك، يحتاج الناس إلى المرونة لتحديد حياتهم وفقًا لشروطهم. والأشخاص الأكثر احتمالا لهذه الحرية هم المستقلون - "حرّ" هي حرفيّا وفعليّا ما يُراد في هذه الكلمة.

المصدر: وورلد إيكونوميك فوروم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. فعلا، تجربتي الشخصيه أني كنت مستقل، ثم عدت للوظيفه و ثم عدت للاستقلال.

    كانت العوده للوظيفه لسنتين، مثل السجن و الاستعباد بالنسبه لي، ظهرت خلالها أول شعرات بيضاء في وجهي. كانت حياتي مليئة بالكآبه و الضعف، يرونه أهلي فيني يوميا.
    ثم جاء الوقت للاستقاله، و شعرت أن الحياه دبت فيني من جديد، و استعدت حيوتي و طاقتي. أصبحت أرى الألوان في الكره الأرضيه من جديد. عائلتي شعرت بالفرق معي.

    الحمدلله. اسأل الله أن يرزق كل موظف و موظفه الإستقلاليه.