مستقبل الوظائف: ٥ خيارات يجب على الجميع أخذها بعين الاعتبار
الانفجار الروبوتي قادم، ويبدو أن الجميع متأكدين حول هذا الموضوع، نحن لا نتحدث هنا عن سيناريوهات مشابهة لفليمي الماتركس أو المدمر، حيث يتم استعباد الجنس البشري من قبل أنظمة الذكاء الإصطناعي، وذلك على الرغم من أن بعض الأشخاص الأذكياء قلقون من أن هذا الأمر يمكن أن يحدث، ولكن يبدو أن الخطر الحقيقي والحالي سيكون حول الوظائف البشرية.
في البداية، بدا الأمر وكأن تأثير هذا الانفجار الروبوتي سيؤثر بشكل أساسي على المهن اليدوية التي كانت مهددة بالأصل، وذلك عندما كان من المتوقع أن يتم استبدال عمال خطوط التجميع والإنتاج بالروبوتات والآلات، ولكن السنوات الأخيرة حققت تقدمًا كبيرًا في العديد من المجالات مثل التعلم الآلي والأتمتة، مما جعل من الواضح أن ذوي الياقات البيضاء والعمال المهنيين سيكونون مهددين لخسارة عملهم أيضًا على حد سواء.
فكيف يجب على الشخص أن يضمن أن مستقبله المهني لن يتم إبادته من قبل هذا الجيش الروبوتي القادم؟ حسنًا، هناك شخصين يستحق رأيهما الاحترام كثيرًا في هذا المجال، وهما توم دافنبورت وجوليا كيربي، جاءا ببعض الاقتراحات في كتابهما (البشر فقط من يحتاجون للتمكين – الفائزون والخاسرون في عصر الآلات الذكية) أو (OnlyHumans Need Apply – Winners and Losers in the Age of Smart Machines)،حيث أوضحا الخطوط العريضة لإستراتيجية البقاء من خلال توفيق المهارات ضمن نماذج القوى العاملة الجديدة التي من المرجح أن تخلقها البيانات الكبيرة والذكاء الاصطناعي (AI) والأجهزة الذكية.
يشير الكتاب إلى خمس إستراتيجيات محتملة، وهي الصعود، التنحي، التدخل،الانخراط في المجالات الضيقة، والتقدم، وهذه الاقتراحات التي يقدمها كل من دافنبورت وكيربي، هي الطرق المختلفة التي يمكن من خلالها للشخص أن يضمن بقاءه فيظل المنافسة مع الذكاء الاصطناعي والأجهزة الذكية في سوق العمل.
بحسب دافنبورت، فإن هذه هي الأدوات الأساسية أو المراحل الخمس التي يمكن للأشخاص اتباعها، لملاقاة الأجهزة الذكية، واثنان منها - التنحي والدخول في المجالات الضيقة - لا تنطوي حقًا على العمل بشكل وثيق مع الذكاء الآلي.
التنحي: يشرح ذاته بذاته إلى حد ما، فهو يعني ببساطة ترك الآلات تفعل ما يمكنها فعله بالشكل الأفضل، واختيار مهنة تتطلب مهارات أساسية مثل المهارات الابداعية أو التعاطفية.
الانخراط في المجالات الضيقة: يتضمن تطوير تخصص في حقل يكون فيه الطلب على الأتمتة قليل أو معدوم (مرشد سياحي محلي أو خبير تذوق متخصص في مجال معين يمكن أن تكون احتمالات ممكنة هنا).
الصعود: يعني اتخاذ موقع إشرافي ومسؤول عن الأعمال التي تقوم بها أجهزة الكمبيوتر وأنظمة الذكاء الاصطناعي – أي بمعنى آخر،أن تصبح رئيساً، وتشرف على الصورة الأكبر لإستراتيجية تطبيق التكنولوجيا في جميع أنحاء المنظمة.
التدخل: يعني الانخراط مع الأعمال التي تقوم بها الآلات لصقل وتوفير الإشراف البشري في النواحي التي لا يزال هناك حاجة إليها، ومن الأمثلة على ذلك، العمل كمحاسب مدَّرب على اكتشاف الأخطاء الناجمة عن النظام الآلي، أو مشتري إعلاني يمكنه أن يلاحظ الأمرعندما يتعرض نوع معين من المنتجات للضرر نتيجة لظرف معين، لأسباب قد لا يفهمها الروبوت.
التقدم: هو بشكل أساسي العمل على تطويرالجيل التالي من الروبوتات والتكنولوجيا التي تتحكم بأنظمة الذكاء الاصطناعي، فعلى الرغم من أن الروبوتات يمكن أن تكون قادرة على حل المشاكلنا، ولكننا ما زلنا بحاجة لنقول لها ما هي المشاكل التي تحتاج للحل، فما زال الأمر يتطلب وجود إنسان لفهم إن كانت الأتمتة ستكون ذات فائدة في مجالات معينة من الأعمال، كما يتطلب أيضًا وجود إنسان لوضع إستراتيجية لأتمتة هذا المجال.
يعترف دافنبورت بسعادة بأنه وشريكته في التأليف يعتبرون الانفجار الروبوتي أمراً، إن لم يكن أكثر ميلاً للإيجابية، فهو يحمل تشاؤمًا أقل مما يحمله إياه الكثير من الكتّاب الآخرين، حيث أن استبدال وظائف الدوام الكامل حدث ببطء شديد، فعلى سبيل المثال - قبل اختراع أجهزة الصراف الآلي، كان هناك نحو نصف مليون شخص يشغل وظيفة محاسب صندوق في الولايات المتحدة، ولكن اليوم، أصبح لدينا نحو نصف مليون صراف بنكي.
وهكذا فإن معظم الأشخاص يمتلكون مهارة جيدة جدًا في العثور على أشياء أخرى يمكنهم القيام بها عندما يتم الاستيلاء على المهام الرئيسية مثل تسليم الأموال وهلم جرا من قبل الآلات، لذلك فإن الفرضية هنا تقول بأنه على الرغم من أنه سيكون هناك بعض الخسائر في الوظائف لكن هذه الخسائر ستكون هامشية وليست دراماتيكية، كما أنه من المرجح أن يستطيع الأشخاص الذين يستطيعون التعامل مع الآلات القيام بعمل جيد إلى حد ما، على الأقل لفترة من الوقت.
هذه القدرة على العمل بشكل من الشراكة مع التكنولوجيا الذكية الناشئة هي الرسالة الأساسية للكتاب، ولكن على الرغم من أن الروبوتات لن تأتي لتأخذ عملك وتتركك عاطلاً عن العمل، إلّا أنه سيكون من أفضل أن تكون منتبهًا لوجودها.
بحسب المؤلفة المشاركة ورئيسة التحرير في مطبعة جامعة هارفارد جوليا كيربي، فإننا نعالج الموضوع إلى حد كبير من وجهة نظر العامل ونحن نرى بأنه ينبغي عليهم أن يكونوا جاهزين لتغيير مكان العمل، حيث سيعملون جنباً إلى جنب مع تلك الآلات، ولكن ليس بالضرورة أن تعمل الآلات لصالح العمال، حيث سيكون عليهم اتخاذ بعض القرارات واتخاذ بعض الإجراءات على المستوى الفردي ، بدلاً من مجرد ترك الأمر لصاحب العمل أو، لا سمح الله، للمجتمع، لحل الموضوع.
في نهاية المطاف فإن الرسالة التي يحملها الكتاب هي رسالة تدعو إلى الأمل، فمن خلال السعي وراء التنمية عوضًا عن الأتمة، ستحرر الصناعات الطاقة الإنسانية لتقوم بتأدية ما يمكنها القيام به بشكل أفضل - الابتكار والخلق - في الوقت الذي تترك فيه الروبوتات والآلات الذكية لتهتم بمعالجة الأرقام والحفاظ على كل شيء مضبوط بشكله الأمثل وراء الكواليس.
بالإضافة إلى ذلك، تتصور كيربي نشوء نظام خدمات مؤلف من"مستويين"، حيث يتم توفير المستويات المنخفضة من الخدمة من خلال أجهزة الكمبيوتر، في حين يتم ترك الجهود البشرية للمهام الأكثر أهمية، فإذا ما أخذنا التغطية الإعلامية لبطولة التنس على سبيل المثال، يمكن لنظام توليد التقارير أن يقوم بتغطية الجولات الأولى، في حين يقوم صحفي بشري بتغطية نهائيات كأس العالم والدور قبل النهائي.
من المشجع أن يتم تناول أحد أكثر المواضيع مناقشة حول العواقب الاجتماعية طويلة الأمد التي ستنتج عن اندماج أنظمة الذكاء الاصطناعي والأتمتة في مكان عملنا، والأهم من ذلك، فإنه سيكون من المشجع للغاية أن نرى شخصًا يعالج هذه القضية من خلال وجهة نظر عملية وسطية، بدلاً من مجرد الترويج للهلاك، فعلى الرغم من أنه سيكون هناك بعض الأشخاص الذين سيجدون أنفسهم عاطلين عن العمل في المستقبل القريب،لأن أصحاب العمل سيجدون أن استخدام الذكاء الآلي هو أرخص وأكثر فعالية من دفع مرتبات ومعاشات تقاعدية ومبالغ الرعاية الصحية للعمال البشر، ولكن إذا كنت ترغب في تقليص مخاطر استيلاء الآلة على عملك، فمن الأفضل أن تلقي نظرة على ذلك الكتاب.
المصدر: فوربس
اترك تعليقاً