كم فوجا من موظفيها ساهمت ستاربكس في تخريجهم من الجامعة بعد خمس سنوات من دعمها لهم؟

الوضع الليلي الوضع المضيء

أنجيلا هامبرستون واحدة من الطلاب الحاصلين على عرض ستاربكس، تتحدث عن تجربتها ما بين الحرم الجامعي ونوبات العمل اليومية في أحد الفنادق في الصباح وفي ستاربكس في فترة ما بعد الظهر، تقول عن يومياتها: " بعد أداء واجباتي المنزلية في ساعات قليلة كنت أحصل لنفسي أحياناً على غفوة قصيرة في سيارتي"، وتضيف فيما يتعلق بالدراسة: "كان تنظيم وقتي ممكناً من الناحية اللوجستية بفضل متابعتي للدورات في مجال الأعمال والبيئة المستدامة عبر الإنترنت بشكل كامل. وكان ذلك ممكنًا من الناحية المالية لأن ستاربكس وجامعة ولاية أريزونا ساهمتا في تغطية معظم تكاليف الدراسة. وقد كنت مستعدة لخوض هذه التجربة لأن الحصول على شهادة البكالوريوس كان شيئاً لم أكن أتوقع أنني سأفعله أبداً، فقد كانت فرصة بعيدة عن متناول يدي، من الناحية المالية، لم أكن أرغب حقاً في الحصول على قرض وأن أقيد نفسي بدَيْن قدرهُ آلاف الدولارات حال تخرجي من الجامعة ولم يكن أمامي الكثير من الحلول البديلة مما أدى إلى انقطاعي عن الكلية ".

بعد حصولها على وظيفة لإعداد القهوة في ستاربكس، أتيحت لأنجيلا فرصة التسجيل في جامعة ولاية أريزونا بفضل عرض ستاربكس لمساعدتها في تغطية تكاليف دراستها، لتصبح واحدة من بين حوالي 3000 موظف في ستاربكس حصلوا على درجات البكالوريوس عبر الإنترنت من خلال برنامج الشراكة بين الشركة والجامعة.

لقد مر خمس سنوات منذ إطلاق خطة ستاربكس للإنجازات الجامعية، والتي تجمع بين المنح الدراسية والتمويل من خلال إعادة سداد الفواتير، لمساعدة الطلاب الذين يعملون لديها في مجال إعداد القهوة أو حتى مدراء فروعها والموظفين الآخرين في الحصول على شهادات بكالوريوس بأقل تكلفة ممكنة.

وقد صرّح المسؤولون في هذا المشروع التعاوني بين سلسلة المقاهي العالمية والجامعة أن الخمس سنوات الأولى من هذه الخطة كانت بالنسبة لهم مرحلة تجريبية زودتهم بمعلومات واضحة عن الجوانب العملية الناجحة والفاشلة أيضاً في هذا التعاون، خاصة فيما يتعلق بمجموعة الطلاب الحاصلين على المنح والذين أسهموا في زيادة العوامل الإيجابية للمشروع والشعور العام بالتفاؤل من قبل جميع الأطراف القائمة على العمل، والتي أصبحت على يقين أن هذا المشروع أتى بثماره خلال فترة قصيرة كما أتاح الفرصة للتوسع وشمول مجموعات طلابية أخرى، فبحلول عام 2025 من المتوقع أن يسهم البرنامج بتمويل 25000 خريج.

إن أحد أهم العوامل التي جعلت هذا البرنامج ذائع الصيت وشجع الكثير من الطلاب للإقبال عليه منذ انطلاقه عام 2014 هو ما يحتويه وصف المشروع من شروط ومزايا سخية، مثل: تقديم مزايا التعليم للعاملين بدوام جزئي بعد بضعة أشهر فقط من العمل والسماح للموظفين باختيار تخصصاتهم من بين ما يقارب 80 موضوعاً. هذه المزايا جعلت المشروع فريداً من نوعه وحازت على الكثير من الاهتمام العالمي لدرجة ظهوره على غلاف مجلة المحيط الأطلسي. كما شجع الكثير من الشركات وسلاسل المقاهي والمطاعم الأخرى على خوض تجارب مماثلة وإطلاق برامج لدعم العاملين لديها ممن يرغبون بمتابعة دراستهم الجامعية، من هذه السلاسل: وولمارت، ديزني، تاكو بيل، وجيت بلو.

عن هذه الطفرة في برامج تمويل الخريجين، يقول المدراء في ستاربكس أنهم يرحبون بالمنافسة. فقد أصبح لهذه البرامج التعاونية بين الشركات والكليات الجامعية القدرة على إنهاء "فكرة الاستثناء التي تقوم على أساس إتاحة فرص الدراسة لمجموعة محددة، حتى أصبحت المؤسسات التعليمية مخصصة لمجموعة معينة من الأفراد الذين يمكنهم تحمل تكاليفها"، كما تقول ليزا يونغ، المديرة التنفيذية لمبادرات ستاربكس لـ إد بلس في جامعة ولاية أريزونا. وتضيف قائلة: “أتمنى أن يتم تنفيذ مثل هذه البرامج على أوسع نطاق، كما أوصي أن يتم تحقيق مثل هذه الشراكات بأكبر قدر ممكن، ومن خلال أكبر عدد ممكن من الآليات".

الدروس المستفادة

 منذ ربيع عام 2019، أصبح هناك حوالي 12000 موظف من ستاربكس مسجلين في كليات جامعة أريزونا، مما جعل المسجلين في هذا المشروع قوة لا يستهان بها نظراً لكونهم يشكلون 27% من طلاب الجامعة الملتحقين بدروس عبر الإنترنت في ذلك الفصل الدراسي.

كما أن ثلثي متاجر ستاربكس لديها موظف مشارك في البرنامج، وحوالي 500 متجر فيها خمسة أو أكثر من العمال المسجلين. جميع هؤلاء الطلاب ينتجون الكثير من البيانات، مما ساعد ستاربكس وجامعة ولاية أريزونا على تعديل شراكتهما على مدار نصف العقد الماضي.

على سبيل المثال، يتعين على موظفي ستاربكس استيفاء معايير القبول في جامعة ولاية أريزونا للمشاركة، ولكن حوالي 20% من المتقدمين للبرنامج غير مؤهلين. لذا، قامت المؤسستان بإنشاء "طريق إلى القبول"، وهو عبارة عن برنامج جسر يوفر لعمال ستاربكس دورات تأهيل عبر الإنترنت لإعدادهم للمشاركة الكاملة.

وقد ساعد هذا التعديل الكثير من الطلاب مثل خوان فيرجسون، والذي على الرغم من التحاقه لمدة عامين بجامعة فلوريدا الدولية، إلا أنه كعامل في أحد مقاهي ستاربكس كان بحاجة إلى تعزيز أوراق اعتماده لينتقل إلى جامعة ولاية أريزونا. وبفضل هذا التعديل كانت الفترة الانتقالية بين الجامعتين استثماراً أكاديمياً جيداً بالنسبه له، حيث يقول عن هذا البرنامج: "بفضله لم أفقد أي من الساعات الدراسية التي كنت قد أنجزتها في الجامعة السابقة فخلال البرنامج التأهيلي حصلت على ساعات اعتماد جامعية تمت إضافتها إلى رصيدي الدراسي."

تقول يونغ "إن على الشركات والكليات الأخرى المهتمة ألا تقلل من حجم الدعم الذي يتطلبه برنامج ستاربكس. فلدى كل من ستاربكس وجامعة أريزونا فِرَق صغيرة مخصصة لعملياتها في البرنامج، بالإضافة إلى الجهود المتخصصة التي يتم تقديمها من قبل الموظفين الآخرين. ولقياس كل هذه الجهود والعمليات لا يمكننا الادعاء أن  العمل على هذا البرنامج كان سهلاً".

لذا تنصح يونغ الشركات الراغبة في تنفيذ برامج ممثالة بعدم تقليد نموذج ستاربكس، وأن تقوم عوضاً عن ذلك بوضع برامج تناسب أهداف واحتياجات عمالها وتكون قابلة للتكيف بسرعة. وتضيف قائلة: "إن وضع مخطط عام والاتكال فقط على الأمل بالنجاح لن يحقق أي نتائج لهذه الشركات، فليس هناك دليل إرشادات يمتلك كل من ستاربكس وجامعة أريزونا نسخاً منه لتسهيل عمل الفرق والموظفين القائمين على البرنامج، على هذا الشركات أن تعلم أن عملنا وتقدمنا في هذا المشروع يعتمد أساساً على التكرار والتجربة".

التغلب على الوصمة الملازمة للدراسة عبر الانترنت

تقول ماري ديكسون، التي تدير الشراكة لصالح ستاربكس: "إن أحد أهم النتائج التي توصل إليها البرنامج هو أن العديد من العمال يشككون في البداية في أخذ الدورات عبر الإنترنت، على الرغم من أن نموذج التعليمات عبر الإنترنت يوفر المرونة التي يحتاجها العديد من البالغين العاملين لاستيعاب جداولهم المزدحمة. لذا ومنذ انطلاقه يحاول برنامج ستاربكس معالجة هذا الخوف من خلال تزويد الطلاب الجدد بدورة توجيهية تعلمهم كيفية الاستفادة إلى أقصى حد من أنظمة التعلم عبر الإنترنت."

 وعن هذا تقول أنجيلا هامبرستون: "في البداية اعتقدت أنني لن أكون جيدة في متابعة الفصول الدراسية عبر الإنترنت، ولكن بمجرد إدراكي لأهمية هذه الفرصة، توصلت إلى أن كل ما أحتاجه هو تركيز اهتمامي وحرصي على اتباع التعليمات مما يساعدني ذلك على متابعة الدراسة بسهولة وبالتالي سوف يضمن لي النجاح في الحصول على درجتي الجامعية."

أما ديكسون فيعود ليؤكد على دور الطلاب المشاركين في البرنامج، فمن خلال التوصيات الشفهية التي قدمها هؤلاء العاملين الملتحقين بالدراسة عبر الإنترنت زاد اهتمام وإقبال المزيد من الطلاب على هذا النوع من التعليم الجامعي. على سبيل المثال، تأثر فيرغسون بالبرنامج لدرجة أنه شجع الأصدقاء وأفراد الأسرة على التقدم لوظائف في ستاربكس والتسجيل في جامعة ولاية أريزونا. مما شجع والده، الذي بدأ دراسته الجامعية قبل سنوات لكنه لم يتخرج، على الأخذ بنصيحته، على أمل التأهل للحصول على المزيد من فرص العمل العليا. الآن، يقول فيرغسون، أنهما يأخذان مساق التاريخ نفسه من جامعة ولاية أريزونا.

يقول فيرغسون عن تجربة والده: "رغم توقفه عن الدراسة لفترة طويلة، إلا أنه منذ التحاقه بالبرنامج أثبت ذكائه وحرصه على متابعة الفصول الدراسية، وعلى الرغم أنه بدأ بعد بقية الطلاب إلا أنه تمكن من اللحاق بنا في وقت قياسي، وعلى هذا المعيار سوف نتخرج سوياً  في نفس التاريخ".

أما ستاربكس فتقول عن تلاميذها: "لقد ابتكروا طرقهم الخاصة لدمج التفاعل الإنساني في تجربة الدراسة عبر الإنترنت، مثل استخدام منصة تبادل الرسائل الخاصة بالشركة للدردشة مع زملاء الدراسة. من الأمثلة على ذلك: باليندا كوتا، موظفة مخضرمة في ستاربكس تعمل كمديرة فروع في منطقة سان خوسيه لمدة 17 عاماً، قامت بالتسجيل في بداية البرنامج للاشتراك في نفس الفصول الدراسية كبقية المشاركين. ثم بدأت تستخدم منصات التواصل عبر الإنترنت للحصول على تغذية راجعة من معلميها أو زملائها في الدراسة لمساعدتها في تحرير أوراقها عبر تقنية مشاركة الشاشة. مثال آخر: أثناء أحد الفصول الدراسية الأولية التي كان فيرغسون يتابعها، لاحظ أن عددًا قليلاً من الطلاب الآخرين كانوا أيضًا من موظفي ستاربكس في مقرهم في العاصمة الأمريكية. لذا قرر الذهاب إلى المتجر الذي يعملون فيه وتقديم نفسه، عند خروجه من هناك كان قد حصل على مجموعة جديدة من زملاء الدراسة.

الأهداف المحققة

برنامج الكلية له فوائد واضحة للطلاب، لكنه يعود أيضاً بالكثير من الفوائد على المؤسسات التي تدعمه.

مثلاً، توفر جامعة ولاية أريزونا منحة مقدمة لموظفي ستاربكس تغطي 42% من تكاليف التعليم. في المقابل، حصلت الجامعة من هذا البرنامج على تعاون مع سلسلة المقاهي العالمية وفّر عليها ميزانية تقدّر بملايين الدولارات كات سوف تصرفها على التسويق عبر الإنترنت للوصول إلى الطلاب الراغبين بالالتحاق في برامجها الدراسية.

 يقول كارين سميث المدير المالي لبرنامج إد بلس في جامعة ولاية أريزونا، في مقابلة عبر البريد الإلكتروني: "هذا يعني أنه عندما يتصل بنا طالب محتمل من ستاربكس، يكون احتمال تسجيله أعلى من احتمال غير المشارك في البرنامج والذي قد يضع عدة احتمالات للدراسة في جامعات أخرى، كما أن الطلاب العاملين في ستاربكس عند مغادرتهم للبرنامج عادة لا يسعون لإنهاء دراستهم الجامعية، بل يتابعون الدراسة حتى الحصول على شهادتهم بدون دعم من المنحة الدراسية التي يقدمها كل من ستاربكس والجامعة، مما يعني أن استمرارهم يساهم في إدارة تكاليف المكاسب الإجمالية. بالإضافة إلى ذلك، فإن نجاح  جامعة ولاية أريزونا في التعاون مع ستاربكس "قد خلق سمعة إيجابية بين الشركات والطلاب الآخرين مما زاد من مكاسبنا ونمونا".

في سوق العمل التنافسي، تكافح العديد من الشركات لجذب العمال والاحتفاظ بهم. لذا فقد أثبت برنامج دعم التعليم الذي أطلقته ستاربكس نجاحه في تحقيق هذين الهدفين. يذكر ما يقرب من خُمس المتقدمين للوظائف الآن أن برنامج الكلية هو الذي شجعهم على التقديم للعمل في تحضير القهوة لدى ستاربكس. حيث أكد القائمون على البرنامج أن العاملين المشاركين فيه يسعون جاهدين للحفاظ على وظيفتهم للاستمرار بالاستفادة منه طوال فترة دراستهم، حيث يقدّر عدد الطلاب المشاركين الذي يحافظون على وظيفتهم في ستاربكس بنسبة 50% كما تتم ترقيتهم بمعدل ثلاثة أضعاف مقارنة بموظفي التجزئة في الولايات المتحدة الذين لا يستخدمون البرنامج.

 كما أن نجاح البرنامج في الولايات المتحدة دفع ستاربكس إلى إطلاق برنامج تجريبي لدعم 100 موظف في المملكة المتحدة هذا الخريف.

يقول ديكسون إن تعزيز القوة العاملة للشركة لم يكن الهدف الأساسي للبرنامج. في الواقع، لا يوجد شرط يلزم العمال بوظائفهم بعد حصولهم على شهاداتهم.

بدلاً من ذلك، تقول يونج، أن قادة الأعمال يبحثون دائماً عن طرق يمكنهم من خلالها إحداث فرق إيجابي في حياة العاملين لديهم في عصر الديون الطلابية المرتفعة.

" كما أوضحت" لم يكن الأمر يتعلق بالعائد الاستثماري الخاص بشركتنا، بل بمساعدة الناس على عيش حياة أفضل". بالنسبة لفيرجسون كان هذا يعني الحصول على طريقة تتيح له فرصة تحصيل درجة جامعية في مجال إدارة الأعمال، حتى يتمكن فيما بعد من البحث عن عمل أفضل يضمن له حياة كريمة، ورغم بحثه الآن واهتمامه بالعمل في مجال العقار والاستثمار وتكنولوجيا المعلومات، إلا أنه وبعد تجربته في ستاربكس لا يرى مانعاً من متابعة العمل لدى الشركة في المستقبل في منصب مختلف. يقول: "لقد جعلت ستاربكس الفصول الدراسية ميسورة التكلفة، وهذا يمنح الجميع حقًا فرصة للحصول على شهادة من جامعة مهمة. حتى يمكنني الآن أن أضيف كلا المؤسستين العريقيتين إلى سيرتي الذاتية إذا ما رغبت في البحث عن عمل في المستقبل".

أما بالنسبة لهامبرستون، فبعد حصولها على شهادتها، تمت ترقيتها في الفندق الذي تعمل فيه، مما سمح لها بتخفيض ساعات عمل ستاربكس. الأمر الذي جعلها متحمسة للبحث عن الفرص المهنية التي تعتمد على شغفها بالبيئة. تقول: "لا زلت أبحث بتأني في الفرص المهنية المتاحة، لا أرغب بالتسرع فقد عملت جاهدة خلال السنوات الماضية، لذا يجب أن يكون اختياري متناسباً مع التضحيات التي قدمتها خلال سنوات الدراسة والعمل في وظيفتين، لذا حالياً لا زلت أستمتع بعملي في ستاربكس وفي ذات الوقت أنظر إلى الاحتمالات المتاحة".

المصدر: EdSurge

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *