على شركات المستقبل أن تجتهد في عمل الخير

الوضع الليلي الوضع المضيء
  • ما يزال مليار شخص ينام جائعًا، بالرغم من زيادة الثراء في العالم.
  • يجب أن تكون مساعدة المجتمع جزءًا أساسيًا من الأعمال التجارية، وليس مجرد إضافة.
  • إن استخدام نهج أصحاب المصلحة المتعددين يضمن النجاح على المدى الطويل.

لقد حققنا ثراءً هائلًا خلال الخمسين سنة أو المائة سنة الأخيرة. من المتوقع أن يصل إجمالي الناتج المحلي العالمي في عام ٢٠١٩ إلى حوالي ٩٠,٠٠٠ مليار دولار أمريكي، مقارنة بما يزيد قليلًا عن ١٠٠٠ مليار دولار أمريكي في بداية القرن السابق. لقد حقق النمو الاقتصادي والعولمة ازدهارًا ضخمًا لكثير من الناس، فمثلًا: تضاعف معدل العمر المتوقع عالميًا منذ ذلك الحين. ولكن هناك نواحي كثيرة في الحياة ليست أفضل من أي وقت مضى، وهذا ينطبق على كثير منا وليس على الجميع.

إلا أنه ما يزال هناك تكلفة لذلك؛ فاليوم أغنى مليار شخص يستخدمون حوالي نصف الموارد العالمية وينتجون نفس النسبة من النفايات العالمية. ولكننا نعيش على هذا الكوكب مع ما يزيد عن ٧ مليار شخص. ومن غير المقبول أن يدوم عدم المساواة هذا.

يجب أيضًا ألا نَقبل أن يكون لدينا حوالي مليار شخص ينام جائعًا، ومليار آخر يعاني من سوء التغذية. في حين يعاني حوالي ٢ مليار شخص من زيادة الوزن، من بينهم أكثر من ٦٥٠ مليون شخص يعاني من السمنة المفرطة.

بسبب اعتمادنا على الفحم والنفط والغاز خلال ١٥٠ عامًا الماضية؛ أنشأنا حالة طوارئ مناخية أثَّرت على سلسلة الإمداد الغذائي وحياة كثير من الناس. وعرَّضنا محيطاتنا وغاباتنا إلى الخطر.

من الواضح أنه لا يمكننا الاستمرار في تحمل هذا العبء الذي على كوكبنا.

"المال وسيلة وليس غاية"

هل الاقتصاد يخدمنا في هذه الحالة؟ أم أننا من يخدم الاقتصاد؟ لم يتطور الاقتصاد من أجل ربح المال. إنه نموذج لنشر الكفاءات والرفاهية. وبالرغم من أن المال وسيلة وليس غاية، فقد فقدنا مراعاة ذلك في العقود الماضية عندما أصبح تركيز المستثمرين والشركات على كسب المال أو تحقيق قيمة للمساهمين فقط. لقد كانت "خدمة المجتمع" متعلقة بالعمل الخيري.

في الوقت نفسه، بدأت الشركات تتمتع بمزيد من القوة والتأثير؛ ومن هنا أصبحت مسؤولة أكثر. والخبر السار هو أن الشركات اليوم غالبًا ما تمتلك المستوى والنفوذ وقوة الابتكار المطلوبة للمساهمة في بناء عالم أفضل.

منذ حوالي خمسة عشر عامًا، عند الاجتماع مع المستثمرين وإخبارهم حول تقدم شركة دي إس إم (DSM) في الاستدامة وكيف أنه جزء لا يتجزأ من إستراتيجيتنا، طُرِح هذا السؤال كثيرًا: "أيهما أهم: الأداء المالي؟ أم الأداء المستدام؟" وأود أن أقول: "كلاهما مهم بنفس الدرجة".

على نحو متزايد، تتضح إمكانية أن يكون كلاهما مهم، بل في الواقع لا بد أن يكون كلاهما مهم. لا تتعارض المساهمة في بناء عالم أفضل مع كسب المال.

من المؤكد أن المسؤولية الاجتماعية للشركات قامت بدورها، لكننا الآن أبعد من ذلك. يجب أن تكون خدمة المجتمع جزءًا من جوهر الشركة. يحتاج رُوَّاد الأعمال إلى النظر إلى جوهر كفاءاتهم ويسألون كيف يمكنهم المساهمة بها.

تعميم الاستدامة

بصفتنا أكبر منتج للمكونات الغذائية في العالم، لدينا الكفاءات للمساهمة في معالجة مشاكل الجوع (الخفية)، إلى جانب القطاع العام والمجتمع المدني. وبصفتنا شركة رائدة في مجال المواد المستدامة والتقنية الحيوية الصناعية لدينا الكفاءات للمساعدة في تحسين مناخنا ومعالجة ندرة الموارد.

لقد رَسَّخنا هذا المبدأ في شركتنا. هذه ليست رواية أدبية عن الشركات. فعندما تدمج خدمة المجتمع في نموذج عملك التجاري، ستكون تلقائيًا جوهر ما تقوم به. لا يمكن أن تبقى الاستدامة إذا كانت المؤسسة بأكملها لا تملكها؛ لذا يحتاج القادة إلى توضيح هدف الشركة وأن يتصرفوا وفقًا لذلك ويُرسِّخوه في جوهر العمل التجاري.

عند النجاح في ذلك، ستكون خدمة المجتمع مملوكة للمستثمرين والمساهمين أيضًا، وسيدعمك عملاؤك وسيكون موظفوك فخورين ومتحمسين. وسيبقى المجتمع يمنحك رخصة للعمل.

ولأن الخدمة المذكورة أعلاه قد تفيد الجميع؛ فلا ينبغي أن يكون هناك خلاف أساسي مع المستثمرين أو المساهمين بشأنها، فيما قد يتعلق بالتوقيت. تحتاج الشركات أن تحقق عوائد مالية؛ لأنها ليست مؤسسات خيرية، وأن تساهم مثلًا في توفير معاشات للأشخاص عبر الأموال المستثمرة فيها. ولأن أغلب الأموال المنتشرة في أسواق رأس المال لديها أفق طويل الأجل، مثل صناديق المعاشات التقاعدية؛ فإن التركيز على تحقيق القيمة على المدى الطويل يجب أن يكون مناقشة غير خلافية. يمكن لهذا النموذج أن ينجح خصوصًا مع المساهمين (وليس المتداولين). بالطبع هذا لا يعني أنه لا ينبغي أن يكون هناك وفاء به على المدى القصير.

الازدهار وفعل الخير

أثناء تحول دي إس إم (DSM) من شركة كيميائية ضخمة إلى شركة نشطة في مجالات التغذية والصحة والمواد المستدامة، وعدنا مساهمينا بأرباح مستقرة ترتفع بشكل أفضل على المدى القصير. وقد التزمنا بهذا الوعد في سعينا لتحقيق أهدافنا وتحقيق القيمة على المدى الطويل (نسبة إجمالي عائد المساهمين هي ٤٠٠٪ منذ عام ٢٠٠٧). لقد استطعنا أن نبيِّن أن الأداء الجيد يمكن أن يتماشى مع عمل الخير.

وتزداد أهمية قياس التقدم بدقة، مع بدء كثير من الشركات في تبني هذا النموذج. في السنوات العشر الماضية، شهدنا زيادة بمقدار خمسة أضعاف في عدد معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وتقييماتها. فهناك الآن أكثر من ٦٥٠ معيارًا وتقييمًا. نحتاج أن نعمل على وضع إطار عمل مشترك، أو إن شئت فقل: "معايير دولية للإبلاغ المالي تتعلق بإعداد التقارير غير المالية" بحيث يتمكن المستثمرون من المقارنة العادلة وتتمكن الشركات من تجنب اتهامها بـ "نشر ادعاءات زائفة بحماية البيئة". إذا لم نملك طريقة شفافة لقياس القيمة التي حققناها للناس ولكوكبنا، فلن يمكن الحكم بموضوعية على جميع جهودنا.

وعندئذٍ أؤيد جميع رُوَّاد الأعمال للبدء في ربط كفاءات شركاتهم بالتحديات العالمية وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. أين يمكنك أن تساهم؟ أين فرص المساهمة؟ لا تعامل المسؤولية الاجتماعية للشركات على أنها نشاط جانبي، بل اجعلها جوهر نموذج عملك التجاري، وطوِّر خريطة طريق واضحة، وأشرك جميع أصحاب المصلحة، وتجرأ على التركيز على المدى الطويل. يمكن لنهج أصحاب المصلحة المتعددين أن يظل ذا قيمة كبيرة لجميع الشركات في المستقبل.

المصدر:World Economic Forum

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *