رسالة ريبيكا سولنيت اللطيفة للأطفال حول الكتب، كيف تبث القوة فينا وتغيّرنا وتواسينا!

الوضع الليلي الوضع المضيء

تعتبر بعض الكتب أداة نستخدمها لنصلح الكثير من الأشياء من حولنا، بدءًا من الأشياء البسيطة حتى الغامضة، إصلاح أشياء في منزلك أو حتى يمكنها إصلاح قلبك!
وقد نستخدم تلك الكتب لتعلمنا كيف نصنع الأشياء، بدءًا من صنع كعكة لذيذة أو حتى لصنع سفينة.
بعض الكتب كالأجنحة، وبعضها كالأدوية، قد تتذوق بسببها طعم المرارة لكنها حتمًا ستفتح عينيك وقلبك وحتى روحك على الكثير من الأشياء حولك.

يرى عالم الفلك والفيزياء والفيلسوف الإيطالي غاليليو أن القراءة هي الوسيلة الوحيدة لامتلاك القوى الخارقة، في حين يرى الكاتب كافكا أن الكتاب هو ذلك الفأس الذي سيحطم جليد البحر المتجمد في دواخلنا، وبالنسبة للمؤلفة أناييز نين فإنها تعتقد أن الكتاب هو المنبه الذي يتكفّل بإيقاظنا من سبات يجعلنا نصف أحياء، الكاتبة جويندولين بروكس ترى أن الكتب هي غذاء أرواحنا ودواؤها، بل هي اللهب أو سرب من الطيور أو حديقة غّناء بالأزهار الجميلة.

منذ أن تم اختراع الآلة الطابعة وقد أصبحت الكتب تغذي الروح الإنسانية البدائية للإنسان والمتعطشة لمعرفة الحقيقة، حتى أن بعض الكتّاب اعتبروا أن القراءة هي الركيزة الأساسية للإنسانية، وتعتبر الكاتبة الأميركية ريبيكا سولنيت واحدة من أكثر أولئك الكتّاب شاعرية وبصيرة في عصرنا.

في مقالها الجميل الذي يتحدث حول كيف أنقذت الكتب حياتها، لاحظت سولنيت أن التأثير الحقيقي للكتب، ليس بالكتب نفسها، بل في قوة مضمونها.

تحدثت سولنيت عن هذا بطريقة رائعة من خلال مساهمتها في مشروع كتاب، يأتي الكتاب بعنوان: "سرعة الوجود - رسائل إلى قارئ فتيّ"، وهو عمل مليء بالمحبة استغرق ثمان سنوات من المساهمين لكتابة مائة وإحدى وعشرون رسالة مصورة للأطفال توضح لهم أهمية القراءة وكيف يمكن للكتب أن تحوّلنا وتغيّر فينا وتشّكل شخصياتنا.

كتبت سولنيت:

أعزائي القراء:
تتكوّن كل الكتب تقريبًا من نفس العناصر ولها نفس البنية: الغلاف، ظهر الكتاب وصفحاته، ولكن كل كتاب تفتحه سينقلك إلى عوالم مختلفة ويهديك الكثير من الهدايا أبعد بكثير من مجرد حبر وورق، تعتبر بعض الكتب أداة نستخدمها لنصلح الكثير من الأشياء من حولنا، بدءًا من الأشياء العملية حتى الغامضة، إصلاح أشياء في منزلك أو حتى يمكنها إصلاح قلبك! وقد نستخدم تلك الكتب لتعلمنا كيف نصنع الأشياء، بدءًا من صنع كعكة لذيذة أو حتى بناء سفينة.

بعض الكتب كالأجنحة وبعضها الآخر كالخيول التي تهرب بك بعيدًا، وهناك الكتب التي تشبه الحفلات التي يتم دعوتك إليها، تضج بالأصدقاء حتى لو كنت وحيدًا في الواقع! قد تلتقي بشخص رائع واستثنائي في كتاب ما، وقد يأخذك كتاب آخر لتتعرف على ثقافة استثنائية أو جماعة، بعض الكتب كالأدوية قد تتذوق بسببها طعم المرارة لكنها حتمًا ستفتح عينيك وقلبك وحتى روحك على الكثير من الأشياء حولك.

بعض الكتب تجرّك إلى متاهة أو لغز أو تجعلك تضيع داخل أدغال غامضة، وهناك تلك الكتب الطويلة التي تتحدث عن السفر والترحال وعند الانتهاء من قراءتها سوف لن تكون نفس ذلك الشخص الذي كنت عليه في البداية، بعض الكتب تشبه مصباحًا مضيئًا تحمله بكلتا يديك سيضيء كل شيء حولك تقريبًا.

كانت الكتب في طفولتي بمثابة الطوب، ليست طوبًا لترميه، ولكنه للبناء، وقد قمتُ بتكديس الكتب حولي لأحتمي بها لتكون بمثابة سور منيع وآمن انسحب إلى داخله لأهرب من ظروفي التعيسة. وقد لجأت خلفه لسنوات عديدة، لقد أحببت الكتب وتعلمت منها كيف أكون إنسانًا. يمكن لتلك الكتب أن تكون سفينة عظيمة، أو قلعة أو حتى حصناً منيعاً لكل من يحبها.

لقد نشأت على تأليف الكتب وكتابتها كما تمنيت، ولذلك فأنني أعلم أن كل كتاب ليس إلا هدية صنعها كاتب ما ويهديها للغرباء، هدية قدمتها أنا بضع مرات قليلة، وتلقيتها كثيراً منذ كنت في السادسة من عمري.
ريبيكا سولنيت

المصدر: Brain Pickings