سلسلة: فيروس كورونا المستجد سيغير وجه العالم كليّا - التقنية (2|7)

الوضع الليلي الوضع المضيء

قد يمكن لأزمة كبيرة بهذا الحجم أن تعيد ترتيب المجتمعات وتغير شكلها دراماتيكياً، قد يكون هذا التغيير للأفضل أو حتى للأسوأ.

التغيير في مجال التقنية
١. تقلص الحواجز الافتراضية عبر شركة الإنترنت

تكتب لنا كاثرين مانجو وارد وهي رئيسة تحرير مجلة ريزون:

" سيعمل فيروس كورونا المستجد (كوفيد-١٩) على تقليص العديد من الحواجز الاصطناعية والحدود التي تحول دون استخدامنا الحر لشبكة الإنترنت، بالتأكيد لن تتحول جميع مناحي حياتنا لحياة افتراضية لكننا سنلمس هذا الأمر في العديد من الأمور، خاصة فيما يتعلق بتلك الأدوات القديمة التي يسيطر عليها السياسيين والبيروقراطيين.
فمثلا، سمح برنامج ميديكير للتأمين الصحي في أمريكا، بفوترة العلاج عبر الإنترنت، وقد كان هذا تغييراً قد طال انتظاره، وقد أعاد قانون قابلية التأمين الصحي والمساءلة (HIPPA) النظر بالسماح للمزيد من مقدمي الخدمات الطبية باستخدام أدوات التواصل اليومية مثل فيس تايم وسكايب والبريد الإلكتروني.
ربما كان نظام البيروقراطية هي من أحدثت هذه الأزمة، ورغم مقاومة نقابات المعلمين والمدنيين للتعليم المنزلي عبر المنزل للأطفال من الروضة وحتى الثانوية العامة، جاءت الظروف لتجبر الجميع على الالتزام به بالتزامن مع الحجر المنزلي.
قد يصبح العودة للنظام التعليمي القديم كمن يعيد الجني إلى داخل مصباح علاء الدين، حيث ستجد العديد من العائلات تفضل التعليم المنزلي الكامل أو الجزئي أو القيام بالواجبات المنزلية عبر الانترنت أكثر من العودة لنظام التعليم وجها لوجه.
أما فيما يتعلق بطلاب الجامعات، فبالنسبة لهم سيقومون بتوفير الكثير من المال، حيث لن يكون هناك حاجة للعودة إلى غرفة نوم باهظة الثمن داخل الحرم الجامعي، ولكنه في ذات الوقت سيسبب تغييراً هائلاً في مجتمع الطلاب الذي كان دائما جاهزاً للابتكار.
ورغم أنه ليس من السهل أن نقوم بتشغيل كل الوظائف عن بعد إلا أن الكثير منا أصبح يعلم أن هناك فرق بين اضطرارك لارتداء ربطة عنق وإضاعة الوقت في المواصلات والتنقل من أجل الوصول إلى مكان العمل، وبين العمل بكفاءة من داخل المنزل ولن يحتاج الأمر سوى لتحميل تطبيق أو تطبيقين على أجهزتك وبرنامج متابعة للعمل ليس إلا، والحصول على إذن مسؤولك.
بمجرد أن تقوم الشركات بأخذ خطوة جدية للقيام بالعديد من المهمات عن بعد، سيصبح من المكلف عدم استخدام موظفيها لهذه الخيارات، وسيتبين أن الكثير من الاجتماعات وحتى أخذ مواعيد عند الأطباء أو المشاركة في الصفوف الدراسية لن يحتاج إلا لمجرد رسالة على البريد الإلكتروني".

٢. أسلوب حياة رقمي أكثر صحة

شيري توركلي، وهي أستاذة الدراسات الاجتماعية للعلوم والتقنية في معهد ماساتشوستس للتقنية، والمدير المؤسس لمبادرة "حول التقنية والذات"، وصاحبة كتاب أصدرته مؤخراً بعنوان: "قوة الحديث في العصر الرقمي" تحدثنا عن رأيها فيما يتعلق بالتغيير في مجال حياتنا الرقمية:
"سنتمكن ربما في المستقبل من استغلال الأوقات التي نقضيها مع أجهزتنا، بإعادة التفكير في أنواع المجتمعات التي يمكننا إنشاؤها داخل شبكة الإنترنت.
فقد رأينا في أولى أيام التزامنا بالحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي الذي أجبرنا غليه فيروس كورونا المستجد، رأينا أمثلة أولية ملهمة، حيث نرى عازف التشيلو العالمي يو- يو ما يبث حفلة موسيقية على الهواء مباشرة، وتطلب المغنية لورا بينانتي من الفنانين المشاركين في المسرحيات الموسيقية في المدرسة الثانوية بإرسال عروض مسرحياتهم عبر الإنترنت، ويقوم معلمو اليوغا ببث حصص اليوغا مجانا عبر الانترنت، حيث أصبح الإنترنت ليس مجرد لعبة فيديو أو تعديل الصورة الشخصية عبر تطبيقات الصور، بل فتح مجالاً لآخرا لإبراز الصفات الإيجابية لدى الناس وإظهار تعاطفهم مع بعضهم البعض، وأصبح يتنافس الجميع في تقديم أفضل محتوى يفيد الناس ويساعدهم على تخطي محنتهم. وإذا أصبح هذا الأمر عادة مستحسنة بين المجتمع فإننا سنثري شبكة الإنترنت بالعديد من الأمور الإيجابية والمحتوى المفيد، وسنخرج من محنة فيروس كورنا المستجد ونحن نملك إرثا ثقافياً واجتماعيا كبيراً."

٣. الواقع الافتراضي نعمة وكنز ثمين

تخبرنا إليزابيث برادلي، وهي رئيسة كلية فاسار وباحثة في الصحة العالمية عن رأيها بهذا الموضوع:

"يساعدنا الواقع الافتراضي على الحصول على العديد من الخبرات والمهارات التي نريدها حتى لو توجب علينا أن نكون محتجزين أو معزولين. ربما سيجعلنا هذا قادرين على التكيف بها مع الوضع الراهن، ويعطينا شعوراً بالأمان في ظل الأزمة القادمة التي تلقي بظلالها علينا الآن، وكم أرغب برؤية تطبيقاتٍ للواقع الافتراضي يساعد في التنمية الاجتماعية والرعاية الصحية والعقلية لأولئك الأشخاص الذين اضطروا لعزل أنفسهم عن العالم، تخيل مثلاً أن ترتدي نظارات ما، ثم تجد نفسك في داخل فصل دراسي أو في تجمع آخر أو حتى في مجموعة دعم نفسي أو إيجابي!".

الجزء الأول: التغير في المجتمع

المصدر: Politico

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *